مـــنــــتــــدى افـاعـــي الــهــــكـــــر
اهلا وسهلا بكم في منتدى افاعي الهكر

ارجو التسجيل في المنتدى كي يظهر لكم الاقسام المحجوبة عن الزوار

المنتدى معروض للبيع للراغبين الاتصال على الرقم التالي 0097252316678
مـــنــــتــــدى افـاعـــي الــهــــكـــــر
اهلا وسهلا بكم في منتدى افاعي الهكر

ارجو التسجيل في المنتدى كي يظهر لكم الاقسام المحجوبة عن الزوار

المنتدى معروض للبيع للراغبين الاتصال على الرقم التالي 0097252316678
مـــنــــتــــدى افـاعـــي الــهــــكـــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـــنــــتــــدى افـاعـــي الــهــــكـــــر

عالم الهكر ( الـمـلـك كــوبـــرا )
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر Muv50643
عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر EBj87204
أزعيم،، فــيـــس بــوٍوٍوٍك

 

 عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Mr_Error
نائب المدير العام
نائب المدير العام
Mr_Error


من الذي دعاك : بحث عن برنامج
الجنس ذكر
الابراج : العذراء عدد الرسائل : 1149
تاريخ الميلاد : 04/09/1991
الموقع : افاعى الهكر
الهواية : الدفاع عن الأسلام والمسلمين
البلد / المحافظة : مصر
نقاط واوسمة نقاط واوسمة : 1414
تاريخ التسجيل : 11/08/2010

عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر Empty
مُساهمةموضوع: عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر   عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر I_icon10الأربعاء سبتمبر 08, 2010 1:23 am

عقيدة أهل السنة والجماعة في عذاب القبر
قال الإمام الطحاوي في ذكر العقيدة الإسلامية :
" ... ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين ، وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً ، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه ، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله  ، وعن الصحابة رضوان الله عليهم ، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران " .
قال الإمام أحمد : وعذاب القبر حق يسأل العبد عن دينه ونبيه وعن الجنة والنار ومنكر ونكير حق وهما فتانا القبر نسأل الله الثبات .
وقال الإمام القرطبي في " التذكرة " :
" الإيمان بعذاب القبر وفتنته واجب ، والتصديق به لازم ، حسب ما أخبر به الصادق ، وأن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره برد الحياة إليه ، ويجعله من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه ليعقل ما يسأل عنه ، وما يجيب به ، ويفهم ما أتاه من ربه ، وما أعد له في قبره من كرامة أو هوان ، وبهذا نطقت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله آناء الليل وأطراف النهار ، وهذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أهل الملة ، ولم تفهم الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم ولغتهم من نبيهم عليه الصلاة والسلام غير ما ذكرنا ، وكذلك التابعون بعدهم إلى هلم جرا " أهـ
فإذا تبين لك هذا فاعلم أنَّ عقيدة أهل السنة والجماعة على أنَّ عذاب القبر ونعيمه على النفس والبدن جميعًا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (4/282) لما سئل عن هذه المسألة :
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ : بَلْ الْعَذَابُ وَالنَّعِيمُ عَلَى النَّفْسِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ تَنْعَمُ النَّفْسُ وَتُعَذَّبُ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْبَدَنِ وَتُعَذَّبُ مُتَّصِلَةً بِالْبَدَنِ وَالْبَدَنُ مُتَّصِلٌ بِهَا فَيَكُونُ النَّعِيمُ وَالْعَذَابُ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مُجْتَمَعِينَ كَمَا يَكُونُ لِلرُّوحِ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْبَدَنِ .
ثم بين ـ رحمه الله ـ أنَّ الفلاسفة وبعض الصوفية أنكروا معاد الأبدان وذهبوا إلى أنَّ النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح ، وأنَّ بعض المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة قالوا بأنَّ الرُّوحَ بِمُفْرَدِهَا لَا تُنَعَّمُ وَلَا تُعَذَّبُ ، وَيُنْكِرُونَ أَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ فِرَاقِ الْبَدَنِ ، وذهب آخرون من المعتزلة إلى نفي ذلك جملة وقالوا : إنَّ الْبَرْزَخَ لَيْسَ فِيهِ نَعِيمٌ وَلَا عَذَابٌ ، بَلْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ الْقِيَامَةُ الْكُبْرَى . وكل ذلك بَاطِلٌ .
يقول شيخ الإسلام : " فَإِذَا عَرَفْت هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الْبَاطِلَةَ فَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ " سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا " أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ يَكُونُ فِي نَعِيمٍ أَوْ عَذَابٍ ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِرُوحِهِ وَلِبَدَنِهِ ، وَأَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ مُنَعَّمَةً أَوْ مُعَذَّبَةً ، وَأَنَّهَا تَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ أَحْيَانًا فَيَحْصُلُ لَهُ مَعَهَا النَّعِيمُ وَالْعَذَابُ ، ثُمَّ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى أُعِيدَتْ الْأَرْوَاحُ إلَى أَجْسَادِهَا وَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " .
ثمَّ ساق الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا يُبَيِّنُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمَسْأَلَةُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ فَكَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا : فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةِ رَطْبَةٍ فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً . فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ فَعَلْت هَذَا ؟ قَالَ : لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا } . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ { قَالَ : بينا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ - وَنَحْنُ مَعَهُ - إذْ جَالَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ فَإِذَا أَقْبُرُ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ . فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ هَذِهِ الْقُبُورَ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا . قَالَ : فَمَتَى هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : مَاتُوا فِي الْإِشْرَاكِ . فَقَالَ : إنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ; فَلَوْلَا أَنْ لَا تدافنوا لَدَعَوْت اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالُوا : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ . قَالَ : تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالُوا : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ . قَالَ : تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قَالُوا : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ . قَالَ : تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ قَالُوا : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ } . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسَائِرِ السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ } . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ { ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ } . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ { أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ وَجَبَتْ الشَّمْسُ . فَقَالَ : يَهُودٌ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ } . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ { عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ فَقَالَتْ : إنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ . قَالَتْ : فَكَذَّبْتهَا وَلَمْ أَنْعَمْ أَنْ أُصَدِّقَهَا قَالَتْ : فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ دَخَلَتْ عَلَيَّ فَزَعَمَتْ أَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ . فَقَالَ : صَدَقَتْ . إنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا يَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ كُلُّهَا فَمَا رَأَيْته بَعْدُ فِي صَلَاةٍ إلَّا يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ . } وَفِي صَحِيحِ أَبِي حَاتِمٍ البستي عَنْ { أُمِّ مُبَشِّرٍ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي حَائِطٍ وَهُوَ يَقُولُ : تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِلْقَبْرِ عَذَابٌ ؟ فَقَالَ : إنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ } . قَالَ بَعْضُهُمْ : وَلِهَذَا السَّبَبِ يَذْهَبُ النَّاسُ بِدَوَابِّهِمْ إذَا مَغَلَتْ إلَى قُبُورِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ ; كالإسماعيليةِ والنصيرية وَسَائِرِ الْقَرَامِطَةِ : مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ بِأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِهِمَا ; فَإِنَّ أَهْلَ الْخَيْلِ يَقْصِدُونَ قُبُورَهُمْ لِذَلِكَ كَمَا يَقْصِدُونَ قُبُورَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى . وَالْجُهَّالُ تَظُنُّ أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ وَأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ . فَقَدْ قِيلَ : إنَّ الْخَيْلَ إذَا سَمِعَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ حَصَلَتْ لَهَا مِنْ الْحَرَارَةِ مَا يُذْهِبْ بِالْمَغْلِ . وَالْحَدِيثُ فِي هَذَا كَثِيرٌ لَا يَتَّسِعُ لَهُ هَذَا السُّؤَالُ . وَأَحَادِيثُ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ أَيْضًا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ عَنْ { الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : الْمُسْلِمُ إذَا سُئِلَ فِي قَبْرِهِ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ; فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } } وَفِي لَفْظٍ : { نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ يُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ : رَبِّي اللَّهُ وَدِينِي الْإِسْلَامُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ . وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } . } وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ مُطَوَّلًا كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي داود وَغَيْرِهِ عَنْ { الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ . فَانْتَهَيْنَا إلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ ; فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا . وَذَكَرَ صِفَةَ قَبْضِ الرُّوحَ وَعُرُوجِهَا إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ عَوْدُهَا إلَيْهِ . إلَى أَنْ قَالَ : وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ حِينَ يُقَالُ لَهُ يَا هَذَا مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ } . وَفِي لَفْظٍ : { فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ وَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ : رَبِّي اللَّهُ . فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا دِينُك ؟ فَيَقُولُ دِينِي الْإِسْلَامُ . فَيَقُولَانِ . مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي أُرْسِلَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ . هُوَ رَسُولُ اللَّهِ . فَيَقُولَانِ : وَمَا يُدْرِيك ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْت كِتَابَ اللَّهِ وَآمَنْت بِهِ وَصَدَّقْت بِهِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَافْرِشُوا لَهُ فِي الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إلَى الْجَنَّةِ قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا قَالَ : وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ : وَإِنَّ الْكَافِرَ فَذَكَرَ مَوْتَهُ . وَقَالَ : وَتُعَادُ رُوحُهُ إلَى جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ هاه هاه لَا أَدْرِي . فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا دِينُك ؟ فَيَقُولُ : هاه . هاه لَا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ عَبْدِي فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إلَى النَّارِ قَالَ : وَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا قَالَ : وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ قَالَ : ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا قَالَ : فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا . ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ } . فَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِإِعَادَةِ الرُّوحِ إلَى الْجَسَدِ وَبِاخْتِلَافِ أَضْلَاعِهِ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى الرُّوحِ وَالْبَدَنِ مُجْتَمِعَيْنِ . وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي قَبْضِ الرُّوحِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالنَّعِيمِ وَالْعَذَابِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُهُ فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : عَنْ { النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إنَّ الْمَيِّتَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ يَسْمَعَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ شِمَالِهِ وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ فَيَأْتِيهِ الْمَلَكَانِ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ; فَتَقُولُ الصَّلَاةُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ . ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ وَيَقُولُ الصِّيَامُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ . ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ . ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنْ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ فَيَقُولُ لَهُ : اجْلِسْ . فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ أَصْغَتْ لِلْغُرُوبِ . فَيَقُولُ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّي . فَيَقُولُونَ : إنَّك سَتُصَلِّي . أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُك عَنْهُ أرأيتك هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَا تَقُولُونَ فِيهِ ؟ وَمَاذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ . نَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . فَيُقَالُ لَهُ : عَلَى ذَلِكَ حَيِيت وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللَّهُ . ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إلَى الْجَنَّةِ . فَيُقَالُ : هَذَا مَقْعَدُك وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَك فِيهَا ; فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا ; ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ وَيُعَادُ الْجَسَدُ لِمَا بُدِئَ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رُوحه نَسَمَ طَيْرٍ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ قَالَ : فَذَلِكَ قوله تعالى : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } } . وَذَكَرَ فِي الْكُفْرِ ضِدَّ ذَلِكَ أَنَّهُ { قَالَ : يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ إلَى أَنْ تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ فَتِلْكَ الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } } هَذَا الْحَدِيثُ أَخْصَرُ . وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ الْمُتَقَدِّمُ أَطْوَلُ مَا فِي السُّنَنِ فَإِنَّهُمْ اخْتَصَرُوهُ لِذِكْرِ مَا فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ بِطُولِهِ . وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ثَابِتٌ { يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ : إنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إذَا كَانَ فِي إقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا : نَزَلَتْ إلَيْهِ مَلَائِكَةٌ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ; ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ . فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اُخْرُجِي إلَى مَغْفِرَةٍ وَرِضْوَانٍ قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَذَلِكَ الْحَنُوطِ فَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَأٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إلَّا قَالُوا مَا هَذِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ فَيَقُولُونَ : فُلَانُ بْنُ فُلَانً بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا فَيَنْتَهُونَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ قَالَ : فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ . فَيَقُولُ : اُكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتهمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ : فَتُعَادُ رُوحه فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ } وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ كَمَا تَقَدَّمَ { قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ لَهُ : أَبْشِرْ بِاَلَّذِي يَسُرُّك فَهَذَا يَوْمُك الَّذِي قَدْ كُنْت تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُك الْوَجْهُ الَّذِي يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُك الصَّالِحُ . فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إلَى أَهْلِي وَمَالِي } قَالَ : { وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إذَا كَانَ فِي إقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا : نَزَلَ إلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اُخْرُجِي إلَى سَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ فَتُفَرَّقُ فِي أَعْضَائِهِ كُلِّهَا فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ; فَتَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ قَالَ : فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ قَالَ : فَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ مَا يَكُونُ مِنْ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلَاءٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إلَّا قَالُوا : مَا هَذِهِ الرُّوحُ الْخَبِيثَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ; بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ; حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهَا فَلَا يُفْتَحُ لَهَا ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ } ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : اُكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ - فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى - قَالَ : فَتُطْرَحُ رُوحه طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ; فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ ; فَيَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ : هاه ; هاه ; لَا أَدْرِي } وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ إلَى أَنْ قَالَ { : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ مُنْتِنُ الرِّيحِ ; فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِاَلَّذِي يَسُوءُك ; هَذَا عَمَلُك الَّذِي قَدْ كُنْت تُوعَدُ ; فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُك الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَأْتِي بِالْخَيْرِ ؟ قَالَ : أَنَا عَمَلُك السُّوءُ . فَيَقُولُ : رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ } . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنْ الْعِلْمُ : مِنْهَا : أَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ ; خِلَافًا لِضُلَّالِ الْمُتَكَلِّمِينَ ; وَأَنَّهَا تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ خِلَافًا لِضُلَّالِ الْفَلَاسِفَةِ ; وَأَنَّهَا تُعَادُ إلَى الْبَدَنِ وَأَنَّ الْمَيِّتَ يُسْأَلُ فَيُنَعَّمُ أَوْ يُعَذَّبُ كَمَا سَأَلَ عَنْهُ أَهْلُ السُّؤَالِ وَفِيهِ أَنَّ عَمَلَهُ الصَّالِحَ أَوْ السَّيِّئَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ أَوْ قَبِيحَةٍ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قتادة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقَرِّرَانِهِ . فَيَقُولَانِ : مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَالَ : فَيَقُولُ اُنْظُرْ إلَى مَقْعَدِك مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَك اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَيَرَاهُمَا كِلَيْهِمَا } قَالَ قتادة : وَذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرًا إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ " . ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى حَدِيثِ أَنَسٍ { وَيَأْتِيَانِ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ فَيَقُولَانِ : مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي كُنْت أَقُولُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ . فَيَقُولُ : لَا دَرَيْت وَلَا تليت . ثُمَّ يُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً فَيَسْمَعُهَا مَنْ عَلَيْهَا غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ } . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ - وَأَكْثَرُ اللَّفْظِ لَهُ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إذَا قَبَرَ أَحَدُكُمْ الْإِنْسَانَ : أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لَهُمَا مُنْكَرٌ وَالْآخَرُ نَكِيرٌ . فَيَقُولَانِ لَهُ : مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ ؟ فَهُوَ قَائِلٌ : مَا كَانَ يَقُولُ ; فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَيَقُولَانِ : إنَّا كُنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّك تَقُولُ ذَلِكَ . ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ . وَيُقَالُ لَهُ : نَمْ . فَيَقُولُ : أَرْجِعُ إلَى أَهْلِي فَأُخْبِرَهُمْ . فَيَقُولَانِ لَهُ : نَمْ . كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ : الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ . وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ : لَا أَدْرِي كُنْت أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْته . فَيَقُولَانِ : إنَّا كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّك تَقُولُ ذَلِكَ . ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ : الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهَا أَضْلَاعُهُ فَلَا يَزَالُ مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ } وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ اخْتِلَافُ أَضْلَاعِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْبَدَنَ نَفْسَهُ يُعَذَّبُ . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إذَا اُحْتُضِرَ الْمَيِّتُ أَتَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِحَرِيرَةِ بَيْضَاءَ . فَيَقُولُونَ . اُخْرُجِي كَأَطْيَبِ رِيحِ الْمِسْكِ حَتَّى إنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَأْتُوا بِهِ بَابَ السَّمَاءِ . فَيَقُولُونَ : مَا أَطْيَبَ هَذَا الرِّيحِ مَتَى جَاءَتْكُمْ مِنْ الْأَرْضِ ؟ فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ فَيَقُولُونَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ فِي غَمِّ الدُّنْيَا فَإِذَا قَالَ إنَّهُ أَتَاكُمْ قَالُوا ذَهَبَ إلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ . وَأَنَّ الْكَافِرَ إذَا اُحْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ بمسح . فَيَقُولُونَ : اُخْرُجِي مَسْخُوطًا عَلَيْك إلَى عَذَابِ اللَّهِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ حَتَّى يَأْتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ } رَوَاهُ النسائي وَالْبَزَّارُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه . وَعِنْدَ الْكَافِرِ وَنَتْنِ رَائِحَةِ رُوحِهِ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَيْطَةً كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا . وَالرَّيْطَةُ : ثَوْبٌ رَقِيقٌ لَيِّنٌ مِثْلُ الْمُلَاءَةِ . وَأَخْرَجَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ : { إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ حَضَرَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ فَإِذَا قُبِضَتْ نَفْسُهُ جُعِلَتْ فِي حَرِيرَةٍ بَيْضَاءَ فَتَنْطَلِقُ بِهَا إلَى بَابِ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ مَا وَجَدْنَا رِيحًا أَطْيَبَ مِنْ هَذِهِ الرَّائِحَةِ فَيُقَالُ : دَعُوهُ يَسْتَرِيحُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا . فَيُقَالُ : مَا فَعَلَ فُلَانٌ مَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ ؟ وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا قُبِضَتْ رُوحه ذُهِبَ بِهَا إلَى الْأَرْضِ تَقُولُ خَزَنَةُ الْأَرْضِ : مَا وَجَدْنَا رِيحًا أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ فَيُبْلَغُ بِهَا فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى } فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَنَحْوِهَا اجْتِمَاعُ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ فِي نَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَأَمَّا انْفِرَادُ الرُّوحِ وَحْدَهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ . وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ } رَوَاهُ النسائي وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ كِلَاهُمَا . وَقَوْلُهُ " يَعْلُقُ " بِالضَّمِّ أَيْ يَأْكُلُ وَقَدْ نُقِلَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ . فَقَدْ أَخْبَرَتْ هَذِهِ النُّصُوصُ أَنَّ الرُّوحَ تُنَعَّمُ مَعَ الْبَدَنِ الَّذِي فِي الْقَبْرِ - إذَا شَاءَ اللَّهُ - وَإِنَّمَا تُنَعَّمُ فِي الْجَنَّةِ وَحْدَهَا وَكِلَاهُمَا حَقٌّ . وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ ذِكْرِ الْمَوْتِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : " بَلَغَنِي أَنَّ الرُّوحَ مُرْسَلَةٌ تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ " وَهَذَا يُوَافِقُ مَا رُوِيَ : " أَنَّ الرُّوحَ قَدْ تَكُونُ عَلَى أَفْنِيَةِ الْقُبُورِ " كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ : إنَّ الْأَرْوَاحَ تَدُومُ عَلَى الْقُبُورِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَوْمَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ لَا تُفَارِقُ ذَلِكَ وَقَدْ تُعَادُ الرُّوحُ إلَى الْبَدَنِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْمَسْأَلَةِ " كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ } . وَفِي سُنَنِ أَبِي داود وَغَيْرَهُ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { إنَّ خَيْرَ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ; فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْك وَقَدْ أَرَمْت فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ } . وَهَذَا الْبَابُ فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ مَا يَضِيقُ هَذَا الْوَقْتُ عَنْ اسْتِقْصَائِهِ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْأَبْدَانَ الَّتِي فِي الْقُبُورِ تُنَعَّمُ وَتُعَذَّبُ - إذَا شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ - كَمَا يَشَاءُ وَأَنَّ الْأَرْوَاحَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ وَمُنَعَّمَةٌ وَمُعَذَّبَةٌ . وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَوْتَى كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ { أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولُوا : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِين نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ . اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ } . وَقَدْ انْكَشَفَ لِكَثِيرِ مِنْ النَّاسِ ذَلِكَ حَتَّى سَمِعُوا صَوْتَ الْمُعَذَّبِينَ فِي قُبُورِهِمْ وَرَأَوْهُمْ بِعُيُونِهِمْ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ فِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ دَائِمًا عَلَى الْبَدَنِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ; بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ يَا عتبة بْنَ رَبِيعَةَ يَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ أَلَيْسَ قَدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ فَإِنِّي وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ رضي الله عنه قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَسْمَعُونَ وَقَدْ جُيِّفُوا ؟ فَقَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ . } وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ وَقَالَ إنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ الْآنَ مَا أَقُولُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ : وَهِمَ ابْنُ عُمَرَ . إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ الَّذِي قُلْت لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ ثُمَّ قَرَأَتْ قوله تعالى { إنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } حَتَّى قَرَأَتْ الْآيَةَ } . وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ : اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ مَا رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عُمَرَ وَإِنْ كَانَا لَمْ يَشْهَدَا بَدْرًا فَإِنَّ أَنَسًا رَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ وَأَبُو طَلْحَةَ شَهِدَ بَدْرًا . كَمَا رَوَى أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طُوًى مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ وَكَانَ إذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ فِي عَرْصَتِهِمْ ثَلَاثَ لَيَالٍ : فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ : أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشَدَّ عَلَيْهَا فَحَرَّكَهَا ثُمَّ مَشَى وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ . وَقَالُوا : مَا نَرَاهُ يَنْطَلِقُ إلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ; حَتَّى قَامَ عَلَى شِفَاءِ الرُّكَّى ; فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا . فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ وَلَا أَرْوَاحَ فِيهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ; مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ } . قَال قتادة : أَحْيَاهُمْ اللَّهُ حَتَّى سَمِعَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنِقْمَةً وَحَسْرَةً وَتَنْدِيمًا . وَعَائِشَةُ تَأَوَّلَتْ فِيمَا ذَكَرَتْهُ كَمَا تَأَوَّلَتْ أَمْثَالَ ذَلِكَ . وَالنَّصُّ الصَّحِيحُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمٌ عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ : { إنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } إنَّمَا أَرَادَ بِهِ السَّمَاعَ الْمُعْتَادَ الَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبَهُ فَإِنَّ هَذَا مَثَلٌ ضُرِبَ لِلْكُفَّارِ وَالْكُفَّارُ تَسْمَعُ الصَّوْتَ لَكِنْ لَا تَسْمَعُ سَمَاعَ قَبُولٍ بِفِقْهِ وَاتِّبَاعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً } . فَهَكَذَا الْمَوْتَى الَّذِينَ ضَرَبَ لَهُمْ الْمَثَلَ لَا يَجِبُ أَنْ يُنْفَى عَنْهُمْ جَمِيعُ السَّمَاعِ الْمُعْتَادِ أَنْوَاعَ السَّمَاعِ كَمَا لَمْ يُنْفَ ذَلِكَ عَنْ الْكُفَّارِ ; بَلْ قَدْ انْتَفَى عَنْهُمْ السَّمَاعُ الْمُعْتَادُ الَّذِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَأَمَّا سَمَاعٌ آخَرُ فَلَا يُنْفَى عَنْهُمْ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ فَهَذَا مُوَافِقٌ لِهَذَا فَكَيْفَ يَدْفَعُ ذَلِكَ ؟ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ : إنَّ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ لَا يَسْمَعُ مَا دَامَ مَيِّتًا كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ . وَاسْتَدَلَّتْ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَأَمَّا إذَا أَحْيَاهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ كَمَا قَالَ قتادة : أَحْيَاهُمْ اللَّهُ لَهُ . وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْحَيَاةُ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا كَمَا نَحْنُ لَا نَرَى الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ وَلَا نَعْلَمُ مَا يُحِسُّ بِهِ الْمَيِّتُ فِي مَنَامِهِ وَكَمَا لَا يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ مَا فِي قَلْبِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ . [ وَهَذِهِ ] جُمْلَةٌ يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُ السَّائِلِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْ الشَّرْحِ وَالتَّفْصِيلِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا سَأَلَ عَنْهُ مَا لَا يَكَادُ مَجْمُوعًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ . يقول ابن القيم :
" ونعيم البرزخ وعذابه مذكور في القرآن في غير موضع :
1) فمنها : قوله تعالى : " وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ " [الأنعام /93] .
وهذا خطاب لهم عند الموت وقد أخبرت الملائكة ـ وهم الصادقون ـ أنهم حينئذ يجزون عذاب الهون ، ولو تأخر عنهم ذلك إلى انقضاء الدنيا لما صح أن يقال لهم اليوم تجزون .
2) ومنها قوله تعالى : " فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب " [ غافر/45-46 ]
فذكر عذاب الدارين ذكراً صريحاً لا يحتمل غيره.
3) ومنها قوله تعالى " فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُون" [ الطور/45 ]
وهذا يحتمل أن يراد به عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا ، وأن يراد به عذابهم في البرزخ ؛ لأن كثيراً منهم مات ولم يعذب في الدنيا .
وقد يقال ـ وهو أظهر ـ : أن من مات منهم عذب في البرزخ ، ومن بقى منهم عذب في الدنيا بالقتل وغيره ، فهو وعيد بعذابهم في الدنيا والبرزخ .
أما الأدلة من السنة النبوية فكثيرة جداً.
1) منها : ما أخرجه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ ، فَقَالَتْ لَهَا : أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ  عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌ .
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ .
2) ومنها : ما في الصحيحين عن البراء بن عازب عن أبي أيوب  قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ  وَقَدْ وَجَبَتْ الشَّمْسُ فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ : " يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا " .
3) ومنها ما في الصحيحين أيضاً عَنْ عائشة زوج النبي  أخبرته أنَّ رسول الله  كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ .
وهذا كما هو مقتضى السنة الصحيحة فهو متفق عليه بين أهل السنة .
قال المروزي : قال أبو عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ : عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.
قال حنبل : قلت لأبي عبد الله في عذاب القبر . فقال : هذه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر بها كلما جاء عن النبي  إسناد جيد أقررنا به ، إذا لم نقر بما جاء به رسول الله  ورفعناه ورددناه رددنا على الله أمره ، قال الله تعالى : " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ " [ الحشر/7 ]
قلت له : وعذاب القبر حق ؟ قال : حق يعذبون في القبور.
قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : نؤمن بعذاب القبر ، ومنكر ونكير ، وأن العبد يسأل في قبره فـ " يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ" [إبراهيم / 27] في القبر . أهـ
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن عذاب القبر ونعيمه اسم لعذاب البرزخ ونعيمه ، وهو ما بين الدنيا والآخرة .
قال تعالى " وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون " [ المؤمنون /100 ]
وهذا البرزخ يشرف أهله فيه على الدنيا والآخرة ، وسمى عذاب القبر ونعيمه ؛ لأنه روضة أو حفرة نار ، باعتبار غالب الخلق فالمصلوب والحُّرق والغُّرق وأكيل السباع والطيور له من عذاب البرزخ ونعيمه قسطه الذي تقتضيه أعماله ، وإن تنوعت أسباب النعيم والعذاب وكيفياتهما ، وقد ظن بعض الأوائل أنه إذا حرق جسده بالنار ، وصار رماداً ، وذرى بعضه في البحر ، وبعضه في البر في يوم شديد الريح أنه ينجو من ذلك .
عن أبي سعيد الخدري  عن النبي  : ذكر رجلا فيمن كان سلف أو قبلكم آتاه الله مالا وولدا يعني أعطاه قال فلما حضر قال لبنيه : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب . قال : فإنه لم يبتئر (لم يدخر) عند الله خيرا ، وإن يقدم على الله يعذبه فانظروا فإذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني ، أو قال : فاسهكوني ثم إذا كان ريح عاصف فأذروني فيها فأخذ مواثيقهم على ذلك ـ وربي ـ ففعلوا .
فقال الله : كن فإذا رجل قائم . ثم قال أي عبدي ما حملك على ما فعلت .
قال : مخافتك أو فرق منك فما تلافاه أن رحمه الله "
فلم يفت عذاب البرزخ ونعيمه هذه الأجزاء التي صارت في هذه الحال ، حتى لو علق على رؤوس الأشجار في مهاب الريح لأصاب جسده من عذاب البرزخ حظه ونصيبه ، ولو دفن الرجل الصالح في آتون من النار لأصاب جسده من نعيم البرزخ وروحه نصيبه وحظه ، فيجعل الله النار على هذا برداً وسلاماً ، والهواء على ذلك ناراً وسموماً ، فعناصر العالم وموادها منقادة لربها وفاطرها وخالقها يصرفها كيف يشاء ، ولا يستعصي عليه منها شئ أراده ، بل هي طوع مشيئته مذللة منقادة لقدرته ، ومن أنكر هذا فقد جحد رب العالمين ، وكفر به ، وأنكر ربوبيته.
والله سبحانه جعل أمر الآخرة وما كان متصلا بها غيباً ، وحجبها عن إدراك المكلفين في هذه الدار ، وذلك من كمال حكمته ، وليتميز المؤمنون بالغيب من غيرهم ، فأول ذلك أن الملائكة تنزل على المحتضر وتجلس قريبا منه ويشاهدهم عيانا ، ويتحدثون عنده ومعهم الأكفان والحنوط إمَّا من الجنة وإمَّا من النار ، ويؤمِّنون على دعاء الحاضرين بالخير والشر ، وقد يسلمون على المحتضر ويرد عليهم تارة بلفظه ، وتارة بإشارته ، وتارة بقلبه حيث لا يتمكن من نطق ولا إشارة.
وكيف يستنكر من يعرف الله سبحانه ، ويقر بقدرته ، أن يحدث حوادث يصرف عنها أبصار بعض خلقه حكمةً منه ورحمةً بهم ، لأنَّهم لا يطيقون رؤيتها وسماعها ، والعبد أضعف بصراً وسمعاً من أن يثبت لمشاهدة عذاب القبر ، وكثيراً ممن أشهده الله ذلك صعق ، وغشي عليه ، ولم ينتفع بالعيش زمنا ، وبعضهم كشف قناع قلبه فمات ، فكيف ينكر في الحكمة الإلهية إسبال غطاء يحول بين المكلفين وبين مشاهدة ذلك حتى إذا كشف الغطاء رأوه وشاهدوه عياناً.
ثم إنَّ النار التي في القبر والخضرة ليست من نار الدنيا ولا من زروع الدنيا ، فيشاهده من شاهد نار الدنيا وخضرها ، وإنَّما هي من نار الآخرة وخضرها وهي أشدُّ من نار الدنيا ، فلا يحس به أهل الدنيا ، فإنَّ الله سبحانه يحمي عليه ذلك التراب والحجارة التي عليه حتى يكون أعظم حراً من جمر الدنيا ، ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك ، بل أعجب من هذا أن الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنب الآخر ، وهذا في حفرة من حفر النار لا يصل حرها إلى جاره ، وذلك في روضة من رياض الجنة لا يصل روحها ونعيمها إلى جاره.
وقدرة الرب تعالى أوسع وأعجب من ذلك ، وقد أرانا الله من آيات قدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك بكثير ، ولكن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الملك كوبرا
(( ألادارة ))
(( ألادارة ))
الملك كوبرا


من الذي دعاك : رب الكون الذي دعاني
الجنس ذكر
الابراج : الثور عدد الرسائل : 2567
تاريخ الميلاد : 22/04/1981
الموقع : http://www.kopra-hakr.alafdal.net/
الهواية : عالم الاختراق والجهاد في سبيل الله
البلد / المحافظة : القدس الشريف
نقاط واوسمة نقاط واوسمة : 2933
تاريخ التسجيل : 07/10/2008

عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر   عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر I_icon10الخميس سبتمبر 09, 2010 1:17 am

عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر 25445
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kopra-hakr.alafdal.net
Mr_Error
نائب المدير العام
نائب المدير العام
Mr_Error


من الذي دعاك : بحث عن برنامج
الجنس ذكر
الابراج : العذراء عدد الرسائل : 1149
تاريخ الميلاد : 04/09/1991
الموقع : افاعى الهكر
الهواية : الدفاع عن الأسلام والمسلمين
البلد / المحافظة : مصر
نقاط واوسمة نقاط واوسمة : 1414
تاريخ التسجيل : 11/08/2010

عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر   عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر I_icon10الخميس سبتمبر 09, 2010 5:37 pm

Sad
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عقيدة اهل السنه والجماعه فى عذاب القبر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الهكر و اهل السنه وكلمه الشيخ نبيل العوضي لهم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـــنــــتــــدى افـاعـــي الــهــــكـــــر  :: الـقـســــــم الـديـنـي فـي الـــهــكــر :: منتدى الفتوة و الاحاديث الشريفة-
انتقل الى: