السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشُّبُهات هنا يُقصد بها " الْمُتَشَابِهات " .
وفي الحديث المتّفق عليه : إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن ، وبينهما مُشْتَبِهَات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .. الحديث . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : وَبَيْنهمَا مُشَبَّهَات .
قال ابن حجر : أَيْ : شُبِّهَتْ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَتَبَيَّن بِهِ حُكْمهَا عَلَى التَّعْيِين . اهـ .
وقال ابن منظور : و المشتبهات من الأمور المشكلات .
سُئل الإمام أحمد : ما الشُّبُهَات ؟
فأجاب :
هي مَنْزِلة بَيْن الحلال والحرام إذا استبرأ لِدِينِه لَم يَقَع فيها .
والأحكام الشرعية منها ما هو حلال مَحض ، ومنها ما هو حرام محض ، وبين الْمَنْزِلتين تقع المتشابهات ، وهذه الْمَنْزِلة يعلمها العلماء ، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : " وبينهما مُشْتَبِهَات لا يعلمهن كثير من الناس " .
ومعنى هذا أن هذه الْمَنْزِلة تَخْفَى على كثير من الناس .
قال ابن حجر : قَوْله : " لا يَعْلَمهَا كَثِير مِنْ النَّاس "
أَيْ : لا يَعْلَم حُكْمهَا ، وَجَاءَ وَاضِحًا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ بِلَفْظِ " لا يَدْرِي كَثِير مِنْ النَّاس أَمِنَ الْحَلال هِيَ أَمْ مِنْ الْحَرَام " وَمَفْهُوم قَوْله : " كَثِير " أَنَّ مَعْرِفَة حُكْمهَا مُمْكِن لَكِنْ لِلْقَلِيلِ مِنْ النَّاس وَهُمْ الْمُجْتَهِدُونَ ، فَالشُّبُهَات عَلَى هَذَا فِي حَقّ غَيْرهمْ ، وَقَدْ تَقَع لَهُمْ حَيْثُ لا يَظْهَر لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الدَّلِيلَيْنِ . اهـ .
واتقاء الشُّبُهات يدخل من باب الوَرَع أيضا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما الخروج من اختلاف العلماء فإنما يُفعل احتياطا إذا لم تُعْرَف السُّـنَّة ولم يَتبين الحق ؛ لأن مَن اتَّقى الشُّبُهات استبرأ لِعِرْضِه ودينه ، فإذا زالت الشبهة وتبينت السُّـنَّة فلا معنى لِمَطْلَب الخروج من الخلاف . اهـ .
وأكثر المسائل التي تدخل تحت المتشابهات هي التي وقع فيها الخلاف بين العلماء ، فيكون أفتى العلماء في مسألة ما بالتحريم ، وقد يُفتي بعض أهل العِلْم بالجواز ، فمن تتبّع الرُّخَص وأخذ بالفتوى بالجواز ، فإنه لم يتِّقِ الشُّبُهات ، وهو يرعى حول الحمى ، يوشك أن يقع فيها ، بل إنه سيقع في الحرام لا مَحالة ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .
منقووووووووووووووول